البيان
يحتفل المجتمع الدولي في اليوم العاشر من كانون الأول باليوم العالمي لحقوق الإنسان وهواليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 والذي أراد أن يشكل منذ إطلاقه ضمير البشرية الصارخ الذي يسعى إلى منع إبقاء المعاناة الإنسانية طي الكتمان الأمر الذي جعله قانوناً سامياً تعلو قوته على كل القوانين الوطنية وأصبح الإلتزام بمواده مقياساً لمدى التزام الدول بحقوق الإنسان
إلا أنه وبعد مرور ما يقارب السبعين عاماً على هذا الإعلان الهام في حياة الإنسان وتاريخه المديد ما تزال الإنسانية بعيدة كل البعد عن تحقيق الحد الأدنى مما ورد فيه من قيم ومبادئ تركزت في تحقيق المساواة والعدالة والكرامة الإنسانية .
ففي ظل الصراعات الأخيرة وبسبب التفكير المتطرف الديني والقوموي تم إهمال حقوق الإنسان بشكل متعمد الأمر الذي أدى إلى همجية آذت الضمير الإنساني وجعلت هذه المبادئ تتلاشى بشكل متعمد وذلك من قبل التنظيمات إرهابية وبعض القادة المتسلطين وأنظمتهم المشرعنة والذي يبدو أنهم مستعدين بالتضحية بحقوق الآخرين بهدف الحصول على السلطة التي تعاظم نفوذها على حساب الديمقراطية والعدالة والسلام .
كما رأينا وقوع المزيد من الأعمال الوحشية والجرائم المرتكبة حتى في الدول المشاركة بإصدار الإعلان والملتزمة به كالدول الأوروبية التي عانت من التطرف الإرهابي الدامي الذي أوقع مئات الضحايا المدنيين ورفع من مستويات العنصرية والكراهية في تلك البلاد خاصة اتجاه الأجانب ، ناهيك عن معاناة شعوب الشرق الأوسط في الدول التي التزمت بالميثاق وشرعنت بقائها بالمشاركة فيه ومثال عن ذلك الدولة التركية والتي نلاحظ فيها بدء تفكك التدابير الرامية إلى القضاء على تجاوزات وعقوبات لديها كسعيها لإلغاء عقوبة الإعدام وتجاوزاتها اتجاه حرية الرأي والصحافة واعتقال السياسيين والبرلمانيين ورؤساء البلديات الكرد تحت ذريعة حماية الأمن القومي التركي ، ناهيك عن تدميرها وحرقها لعشرات القرى والمدن وتشريد سكانها المدنيين بالإضافة لتجاوزاتها لحقوق اللاجئين الفارين من أهوال الحرب على الحدود السورية التركية بحثاً عن الأمان ولقمة العيش فشرعت لنفسها بحجة حماية الحدود جرح وتعذيب وقتل المئات من المدنيين اللاجئين لأراضيها وتجاوزاته بالإستيلاء على الآف الدونمات من الأراضي السورية بما تحويه من بيوت وأشجار وآبار النفط وآثار بحجة إعادة ترسيم حدودها مع سوريا دون أي وجه حق وكما يعد دخول قواتها إلى الأراضي السورية دون استناد على قرار أممي احتلالاً لتلك الأراضي ويعتبر تهديدها باجتياح مقاطعة عفرين والشهباء مخالفة للمعايير الإنسانية والدولية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة ولا تساهم في ضمان الأمن القومي التركي كذلك نذكر ما عاناه العالم من تطرف وإرهاب تنظيمات دينية متشددة كتنظيم الدولة الإسلامية الذي عاث في العالم فساداً وقتلاً وحرقاً بحجة بناء دولة الخلافة المزعومة والتي كانت ردة فعل غاضبة أتجاه بعض الحقوق التي بدأ الألتزام بها وتحقيقها كحقوق المرأة وحقوق الأقليات وهذا ما لمسناه في إعتدائها على الإيزيديين في شنكال وما اقترفته بحقهم من قتل وتشريد وإغتصاب وبيع في أسواق النحاسة ونتلمسه بأسلوبه المهين بالتعامل مع المرأة أينما وجدت وجور أحكامه المبنية على القتل اتجاه المدنيين ، وحتى في سعي العالم للخلاص من هذا التنظيم وبحربه المشروعة ضده فقد عانى المدنيون الكثير خلال هذه الحرب التي خلفت مدناً مدمرة ومئات الآلاف من القتلى والجرحى وملايين النازحين واللاجئين من المدنيين الذين ما زالوا يعانون من سوء الأوضاع المعيشية والصحية في مخيمات تفتقر لأبسط وسائل العيش خاصة في ظل الظروف الجوية والطبيعية القاسية بالمنطقة بالإضافة إلى صعوبة توفير الأمن في أغلب هذه المخيمات التي تشرف على أغلبها المفوضية العليا لللاجئين وهذا ما لمسناه في العمل الإرهابي الذي تعرض له مؤخراً مخيم مخمور الواقع على الأراضي العراقية في إقليم كوردستان والذي راح ضحيته عشرات الجرحى والقتلى من المدنيين العزل دون بيان سبب أو جهة الإعتداء أو حتى إدانة .
أما في بلدنا سوريا وبعد مرور حوالي 7 سنوات على بدء الأزمة فيها فإن ما عاناه شعبها نتيجة الصراعات الدامية بين قوى مختلفة محلية وإقليمية ودولية فقد تحولت أراضيها إلى ساحة حرب تسببت بدمار بناها التحتية وتشريد الملايين من أبنائها وخاصة الأطفال منهم فقد عانوا من فقدان الأمان والجوع والتشريد والقتل حتى بالأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً دون أي حساب أو رادع لذلك فإن حل الأزمة السورية وإنهاء معاناة شعبها يشكل أبرز التحديات أمام هذا الإعلان وتحقيق ما يصبو إليه ونحن كمنظمة مدافعة عن حقوق الإنسان نناشد الأمم المتحدة أن تلتزم قبل غيرها في تنفيذ ما أعلنت عنه لإنهاء المآسي والويلات بحق الشعوب المتواجدة في سوريا بمختلف ثقافاتها وأعراقها وسائراختلافاتها الأخرى عبر الحوار السلمي المشترك بين كافة مكوناتها
كما نناشد المجتمع الدولي بجعل الشمال السوري منطقة آمنة كونها منطقة أثبتت قدرتها على التعايش السلمي بين مختلف مكوناتها وكانت ملجأ لكافة أبناء سوريا من مختلف المناطق وكذلك الآلاف من اللاجئين من دول الجوار لتوفر الأمن فيها ونطالب بدعم وتحسين الوضع المعيشي والصحي داخل المخيمات في هذه المنطقة بهدف التخفيف من معاناة اللاجئين بالإضافة إلى الحاجة الماسة لتنظيف أراضي المنطقة من الألغام التي زرعتها التنظيمات المتطرفة والتي تسببت بقتل المئات من المدنين وأرهبتهم وذلك تمهيداً لعودة النازحين لأراضيهم بأمان والبدء بعملية التنمية البشرية وحماية الطفل وإعادة تأهيله وإعادة بناء البنى التحتية المدمرة
ونطالب بوضع حد للتدخلات التركية في هذه الأراضي حفاظاً أمن المدنين الذين لا يشكلون أي خطر يهدد أمن الدولة التركية الجارة وخاصة في مناطق عفرين والشهباء بالإضافة لأهمية توفير الحماية للعاملين في المجال الإنساني والإغاثي والإعلامي في المنطقة وذلك من مبدأ الإلتزام بالدفاع عن الآدب الإنسانية
وختاماً لا يسعنا إلا أن نذكر بأن الحقوق التي منحها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي حقوق غير قابلة للتصرف حيث يحق لكل فرد أن يتمتع بها كما وردت في الإعلان بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو اللغة أو الرأي أو الأصل القومي أو الأجتماعي أو الثروة أو المولد وكان الهدف المشترك لجميع شعوب الأرض هو تحقيق العدالة والمساواة والكرامة لكل شخص إلا أنه وبعد مرور سبعين عاماً من النضال من أجل الحقوق فقد رأينا بأن ويلات الإنسان لأخيه الإنسان قد ازدادت تحت حجج وزرائع متعددة وتحت مسمع وأنظار الأمم المتحدة وهيئاتها في بقاع العالم وإن تجاوزات الحدود الحمراء بحق الشعوب وأمم الشرق الأوسط من قبل دول الشرق وأنظمتها وسلطاتها المشرعنة لدى هيئات الأمم المتحدة المتعددة دون رادع قانوني أو إنساني لهو خرق فاضح لمبادئ الإنسانية التي عانت بما فيه الكفاية لذا فقد آن الإوان للتدخل وإنهاء المآسي وإلا فإن الكلفة التي ستتكبدها البشرية ستكون باهظة
10/12/2017 منظمة حقوق الإنسان في الجزيرة