العاشر من ديسمبر / كانون الأول من كل عام يحمل معه الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان ويرمز هذا اليوم إلى اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948 وهي وثيقة دولية تنص من خلال ديباجته ومواده الثلاثين على أنه يحق لأي شخص التمتع بحقوقه الأساسية المنصوص عليها في تلك الوثيقة بغض النظر عن لونه أو جنسه أو عرقه أو لغته أو قوميته أو دينه أو أي وضع آخر وتعود البداية الرسمية للاحتفال بهذا اليوم إلى عام 1950 حيث أصدرت الجمعية العامة قراراً دعت فيه جميع الدول والمنظمات الدولية إلى اعتماد هذا اليوم يوماً عالمياً لحقوق الإنسان حيث تنظم الأمم المتحدة العديد من الاجتماعات الحقوقية المهمة والأحداث والمعارض الثقافية المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان , كما يتم أيضاً توزيع جائزة الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان وليكون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الوثيقة الإنسانية الأكثر عالمية ويشكل الأساس لنظام موسع يهدف إلى حماية حقوق الإنسان .
يبدأ الاحتفال هذا العام من خلال التركيز على مبدأ “المساواة” والمتضمن في المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تؤكد بأنه يولد جميع الناس أحراراً ومتساوون في الكرامة والحقوق مما يدل على أن المساواة وعدم التمييز هي في صميم حقوق الإنسان , ومن حق الجميع أن يتمتع بكافة الحقوق دون تمييز خاصة الفئات الأكثر ضعفاً والتي تعاني من أشكال مختلفة من التمييز كالفقراء والنازحين واللاجئين وذوي الاحتياجات الخاصة والسكان الأصليون والأطفال والنساء أو أي شخص آخر يعاني من خطر التمييز أو العنف والذي هو بحاجة لحماية مضاعفة خاصة في زمن النزاعات المسلحة .
وإذ نحتفل بهذا اليوم في شمال وشرق سوريا نستذكر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وقعت في سوريا بشكل عام عبر عقد من الزمن وتلك التي تقوم بها الدولة التركية المحتلة للشمال السوري بشكل خاص برفقة فصائل المعارضة المسلحة والمعروفة تحت ما يسمى ب “الجيش الوطني السوري” في عفرين والباب وجرابلس واعزاز ورأس العين /سري كاني/ وتل أبيض /كري سبي/ حيث ترصد المنظمات الخاصة بحقوق الإنسان المحلية والدولية الجرائم والانتهاكات المستمرة والتي ترتكب بشكل ممنهج في المناطق المذكورة والتي تم توثيقها بتقارير مفصلة ناهيك عن الأزمة الاقتصادية والصحية التي تمر بها البلاد والتي زادت من معاناة المدنيين وكان لها آثار كارثية على الحياة المعيشية اليومية خاصةً على المهجرين قسراً من مناطقهم حيث زادت من معاناتهم وعرضت حياتهم لخطر مضاعف بالإضافة إلى حالة عدم الاستقرار الأمن والتهديدات المستمرة من عدة جهات والتي فرضت حالة من الذعر والإحساس بعدم الأمان والاستقرار وخاصة بين المدنيين .
وإننا في منظمة حقوق الإنسان إذ نحتفل بهذا اليوم ندعوا المنظمات العاملة في الحقل الإنساني والحقوقي القيام بدورها من خلال جمع أدلة الانتهاكات وتوثيق الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان وممارسة الضغط على المجتمع الدولي لفرض قوانين لحماية حقوق الإنسان وحماية المدنيين من الانتهاكات وخاصةً تلك التي تفرضها دولة الاحتلال التركي والفصائل المسلحة في المناطق التي تحتلها والتي وصلت حد جرائم الحرب والإبادة الجماعية و الجرائم ضد الإنسانية ما يقتضي تقديم منتهكي هذه الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية حسب ميثاق روما المنشأ لها كذلك العمل بشكل متسارع لإيجاد حل لمعتقلي عناصر تنظيم الدولة الإسلامية داعش المعتقلين لدى قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي في مناطق شمال وشرق سوريا عبر محاكمتهم بمحكمة دولية خاصة وتسوية أوضاع عوائلهم داخل المخيمات والتعاون لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية المستفحلة منذ أكثر من عشر سنوات يكفل حقوق جميع المكونات دستورياً والعمل على احترام حقوق الإنسان تنظيمياً ومؤسساتياً ومجتمعياً لنكون قد وضعنا اللبنة الأولى في بناء دولة المؤسسات والمواطنة القائمة على احترام القانون وحقوق الإنسان والدعوة إلى تجديد الالتزام المشترك بين جميع فئات الشعب خاصة الأكثر تضرراً لوضع عقد اجتماعي جديد يتقاسم بموجبه السلطة والموارد والفرص بشكل أكثر إنصافاً ويضع أسس الاقتصاد المستدام القائم على حقوق الإنسان ومعالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع السوري من خلال معالجة المظالم والقضاء على عدم المساواة والاقصاء واشراك الناس في وضع القرارات التي تؤثر على حياتهم وحماية الفئات الأكثر عرضة للعنف خاصةً النساء والأطفال ومنع استغلالهم أو تعنيفهم من قبل أي جهة مسيطرة كانت وإعادة تأهيل من وقع منهم فريسة للتطرف وإدماجهم في المجتمع من جديد .
- 9/12/2021 منظمة حقوق الإنسان في الجزيرة