في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان تحت شعار (( إعمال حقوق الجميع في الفرص و النتائج و المساواة في الكرامة )) ينحسر قبول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كعقد بين الحكومات و الشعوب ، بسبب مباشر من جهة الحكومات إزاء عدم الوفاء بالالتزام في إعمال حقوق الجميع في الفرص و النتائج و المساواة في الكرامة و عدم انجاز قوانين منسجمة و مقاييس القانون الدولي ، و خاصة فيما يتعلق بالإعلانالعالمي لحقوق الإنسان الذي كان يوم انجازه هذا اليوم العالمي لحقوق الإنسان ، و تحتفل البشرية جمعاء تحت شعار سنوي .
إن ما تشهده الساحة السورية ، و بشكل خاص شمال و شرق سوريا يدل على تدهور وضع حقوق الإنسان بسبب الإرهاب و استخدام أسلحة الدمار الشامل و الفقر و الأمراض المعدية و التدهور البيئي و العنف المدني و الجريمة المنظمة و العدوان و الاحتلال و ارتكاب الجرائمالدولية المقترنة بالعدوان و الاحتلال و المتمثلة بالإبادة الجماعية و الجرائم ضد الإنسانية و العنف بدل السماح لطبيعة الإنسان و كرامته في العيش بأمن و سلام في ظل غياب الجهود الدولية إزاء كل ذلك ، و إلى درجة بات يشكل فيها هذا الغياب سبباً خطيراً في مجال ما يتم ارتكابه من جرائم دولية بحق الشعوب ة خاصة شعوب سوريا ، و بالدرجة الأخص شعوب شمال و شرق سوريا هذه الشعوب التي لا تزال مهددة من قبل الدولة التركية لاجتياح مناطقها برياً بالتزامن مع القصف الجوي بطائرات الدرون و الطائرات الحربية و القصف الصاروخي و المدفعي و ارتكاب ابادات جماعية و القتل العمد و الاسترقاق و ابعاد السكان و نقلهم قسرياً و فصل الأطفال عن الأمهات جراء عمليات الخطف و الاغتصاب و الاستعباد الجنسي و الإكراه على البغاء و الحمل القسري و الإتجار بالنساء في أطار هجوم ضد المدنيين بنهج يتضمن الارتكاب المتكرر ، وعملاً بسياسة دولة تقضي بذلك و ليس العكس و تعزيزاً لهذه السياسة التي وصلت بها الدولة التركية إلى حد الذروة ، لأن ما ترتكبه الدولة التركية بحق شعوب شمال و شرق سوريا من جرائم دولية يأتي في تصنيفها على مرحلتين من الزمن ، الأولى باحتلالها في جرابلس عام 2016م و في عفرين عام 2018م و في تل أبيض و رأس العين في عام 2019م أما الثانية فهي اللاحقة على الأولى وهي مضاعفة و متلازمة مع الإرهاب المتمثل في وجود كافة المجاميع الإرهابية المعروفة بأسمائها المختلفة على الأراضي السورية المحتلة من جهة الدولة التركية ، أن أحوال المعيشة التي تسبب بها العدوان و الاحتلال و القصف اليومي في عموم شمال و شرق سوريا قد أودت إلى هلاك السكان بشكل جزئي و باتجاه أهلاكهم بشكل كلي و بصورة تفيد بارتكاب أبادة جماعية متعمدة من جهة الدولة التي جعلت من شمال و شرق سوريا سجناً كبيراً بعد حربها الجوية على سكانها و جغرافيتها و بشكل مكثف اعتباراً من 19 تشرين الثاني و لتاريخه ، وقد أدى كل هذا التصعيد إلى حرمان السكان من الطعام و الدواء و تكريس الفقر و انتشار الأمراض المعدية و التدهور البيئي بسبب استخدام أسلحة الدمار الشامل و انعدام فرص الحياة و لهذا و ذاك ولأن مستقبل المنطقة لا يوحي إلا بتهديد الأمن و السلم الدوليين خاصة مع بقاء تهديد تنظيم داعش الإرهابي نشطاً ويهدد حياة سكان المنطقة والعالم وحالة عدم الاستقرار المفروضة بسبب الهجمات والتهديدات المستمرة باجتياح المنطقة تهيء الفرصة لعودة التنظيم بشكل نشط على أرض الواقع عسكرياً لذلك و عملاً بما تنص عليه المادة /99/ من ميثاق الأمم المتحدة نناشد الأمين على السلطة التنفيذية في العالم و هو الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أن يمارس دوره التنفيذي بدعوة مجلس الأمن لإصدار أموار الزامية بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لأثبات بالفعل على دور هذه السلطة التنفيذية و إلا فأن العدوان سيستمر و كذلك الإرهاب و الاحتلال بكل النتائج الكارثية ، ولن يكون مصير الأمن و السلم الدوليين كمقصد من مقاصد الأمم المتحدة أفضل من ذلك الذي حصل بعد الحربين العالميتين الأولى و الثانية .
ولوجود انسداد في الحياة العامة في سوريا نؤكد على الأهمية القصوى للحل السياسي وبما ينسجم مع مقتضى القرار الأممي 2254 .
شمال و شرق سوريا في 10/12/2022م
منظمة حقوق الإنسان في الجزيرة
اتحاد المحامين في الجزيرة