- نتيجة للأوضاع الدامية التي تمر بها سوريا منذ عدة سنوات فإن ظاهرة خطيرة قد برزت من خلال التطورات في المنطقة على المستوى البشري وهو أمر ملاحظ ويدركه كل من يتابع الملف السوري الذي بات يشكل عبئاً حتى على السلام الدولي فآثار التغيير الديمغرافي الذي بات يدركه الجميع أصبح يشكل ظاهرة خطيرة وهو نتيجة للتدخلات الخارجية في الأراضي السورية لدول تريد تنفيذ أجندات خارجية تحقق مصالحها في المنطقة الأمر الذي بات يشكل تهديداً لاستقرار سوريا الإجتماعي وأسسه التي يقوم عليها فالتغيير الديمغرافي هو عملية اسكان واسعة في أرض دون رضى أصحابها بغرض تغيير التركيبة الديمغرافية للرقعة الجغرافية المستهدفة مقابل تهجير قسري للأفراد القاطنين في تل الرقعة وارغامهم على الأنتقال إلى موقع جغرافي آخر قسراً ودون رضاهم وسط غياب السند القانوني لذلك الترحيل وعدم توفر شروط السلامة والحماية المطلوبة أثناء التنقل بإشراف قوى عسكرية أو شبه عسكرية ومن خلال فرض واقع أمني اقتصادي وصحي لا يترك للمدنيين سوى النزوح من مكان اقامتهم
- هذه التغيرات الديمغرافية الخطيرة تفسد النسيج الإجتماعي في عدة مناطق من سوريا والتي تحصل نتيجة التدمير والصراع القائم على الأراضي السورية من جهة ونتيجة لاتفاقيات وأجندات دولية هدفها تقسيم مناطق النفوذ للدول العظمى على الأراضي السورية حماية لمصالحها وآخر فصول تلك التغييرات شهدناه في مدينة عفرين والغوطة الشرقية أما في عفرين التي بدأ العدوان عليها منذ 20/1/2018 من قبل الدولة التركية بمساندة مجموعة من الفصائل الإسلامية المتطرفة والتي بدأت بإستعمال القوة المفرطة ضد المدنيين بهدف ترهيبهم وإجبارهم على النزوح حماية لحياتهم تاركين وراءهم أرضهم وممتلكاتهم ومنعهم من العودة إليها بعد إنتهاء الحملة بحسب إدعاء الدولة التركية وجلب عائلات تلك الفصائل لإسكانها في أراضيهم ومنازلهم بعد نهبها وتفخيخها لبث الرعب في قلوبهم ومنعهم من العودة ناهيك عن حملات الإعتقال التعسفية للمدنين بتهم ملفقة بقصد سلب ممتلكاتهم وتصفيتهم إضافة إلى إرتكاب جرائم إغتصاب وخطف بحق النساء في المنطقة وحفر خنادق حول القرى والبلدات و وضع حواجز تمنع السكان الأصليين من العودة لمنازلهم بحجة تفخيخها وعدم توفر الأمن داخلها بالإضافة إلى جلب آلاف العائلات من الغوطة الشرقية الذين تم ترحيلهم بالإتفاق مع النظام السوري وإسكانهم داخل منازل المدنيين في عفرين وهذا ما أكدته السيدة أورسولا مولر مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في تقرير لها عن الحالة الإنسانية في سوريا وأكدت فيه أنه منذ منتصف شهر آذار 2018 تم نقل حوالي 71000 انسان من الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي إلى مناطق في شمال غربي سوريا إضافة إلى وثائق وفيديوهات تتناقلها وسائل التواصل الإجتماعي تشير إلى محاولات جدية لتعريب منطقة عفرين وإفراغها من سكانها
كل هذا الواقع المرير حدث أمام أعين العالم وسط صمت دولي لا يزيد إلا من معاناة النازحين من أهل عفرين الذين يعيشون في مخيمات تفتقر لأبسط متطلبات الحياة وسط إنتشار أمراض سارية وغياب شبه تام لأي مساعدات إنسانية قد تخفف من معاناتهم وأزمة تشردهم وغياب أي ضمانات دولية تضمن عودتهم إلى أرضهم وإنسحاب الجيش التركي إلى حدوده المتفق عليها خارج الأراضي السورية .
الرئيس المشترك لمنظمة حقوق الإنسان
غالب درويش